مارسيل خليفة: الذكاء الاصطناعي يعيد إنتاج المعطيات الموجودة ويعالجها رياضيًا، لكنه لا يستطيع الخروج عن المألوف، ولا المغامرة بما لم يسبق التفكير فيه

مشاهدة
أخر تحديث : الجمعة 25 أبريل 2025 - 10:20 مساءً
مارسيل خليفة: الذكاء الاصطناعي يعيد إنتاج المعطيات الموجودة ويعالجها رياضيًا، لكنه لا يستطيع الخروج عن المألوف، ولا المغامرة بما لم يسبق التفكير فيه

* أفريك نيوز – الرباط – 

شدد المؤلف الموسيقي والمغني اللبناني مارسيل خليفة على أن الذكاء الاصطناعي، مهما تطور، لن يتمكن من تعويض الإنسان في جوهر الإبداع، لأن الخطأ البشري يحمل في ذاته جمالًا فريدًا لا يمكن لأي آلة تقليده أو محاكاته.

وكشف مارسيل خليفة، في أعقاب مشاركته في ندوة “الجماليات ومآزق العالم”، التي استضافتها قاعة أفق، الجمعة، ضمن فعاليات الدورة 30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب، أنه يرى في الأخطاء لحظات صدق إنساني، نابعة من عفوية التجربة الحية، وأن كثيرًا من الأفكار الفريدة تولد من هذه الهفوات غير المخطط لها.
وأوضح المغني اللبناني أنه لا يجد نفسه منجذبًا إلى الأعمال المصححة والمصقولة بدقة عالية، لأن الكمال الصناعي يسلب الأشياء روحها، ويجعلها أشبه بنسخ مكررة من دون حياة.
ولذلك، حسب ما أكده خليفة، “فإن التمسك بالخطأ الإبداعي هو تمسك بإمكانية الفكرة الجديدة، لأن غياب العيب يعني غياب المفاجأة وتلاشي الابتكار الحقيقي”.
وأورد صاحب أغنيتي “أمي” و”منتصب القامة أمشي” أن الذكاء الاصطناعي يعيد إنتاج المعطيات الموجودة، ويعالجها رياضيًا، لكنه لا يستطيع الخروج عن المألوف، ولا المغامرة بما لم يسبق التفكير فيه.
واستطرد قائلًا إن الخيال الإنساني هو وحده القادر على الذهاب نحو المجهول، نحو الحلم والمستحيل، وهي قدرات لا تزال عصيّة على الخوارزميات.
وتابع مارسيل خليفة أن “هذا المستحيل هو مساحة إنسانية خالصة، نتمسك بها رغم عدم قدرتنا على تحقيقها، لأنها تمنح معنى لوجودنا، وتُلهم أجمل فنوننا وأكثرها صدقًا وصفاء”.
وأضاف أن هذه المساحة الحرة من الخيال تظل آخر معقل للإنسان أمام زحف الذكاء الاصطناعي، وهي المنطقة التي لم تطأها بعد أي آلة، وربما لن تطأها أبدًا.
وبدوره، اعتبر المفكر والكاتب موليم العروسي أن الذكاء الاصطناعي، أو “الكمبيوتر” كما يسميه البعض، صُمّم في جوهره لمحاكاة الدماغ البشري، غير أنه يظل محدودًا بقيود التقنية والبرمجة.
وذكر موليم العروسي أن هذه الآلات تملك قدرة خارقة على الرؤية، وقد تصل إلى دقة تفوق ما يمكن للبشر إدراكه، لكنها تظل غير قادرة على تجاوز الكاميرا الحديثة في التقاط المشهد الحي.
وتابع المفكر والكاتب أن السمع البشري، رغم دقته، لا يمكنه منافسة الميكروفونات المتطورة التي تلتقط حتى أدق الأصوات، مثل وقع خطوات نملة فوق حجر في سكون الليل.
وأفاد العروسي بأن هذه القدرات التكنولوجية، رغم إعجازها، لا تمنح الآلة ما يجعل الإنسان إنسانًا: لا الشغف، ولا الحب، ولا الألم، ولا الدموع، ولا حتى الرغبة.
وواصل قائلًا إن هذه المشاعر تنبع من منطقة غامضة في الدماغ، يصفها العلماء بأنها “منطقة مظلمة”، وهي غير قابلة للبرمجة أو التنميط أو السيطرة.
وأضاف أن هذه المنطقة، رغم توحشها، هي منبع كل ما هو نبيل فينا: العاطفة، الإبداع، الحنين، والرغبة في الحرية والجمال، أي تلك الأمور التي تفرّق بين آلة وإنسان.
كما لفت العروسي إلى أن الفن، والشعر، والموسيقى، والحب، كلها تولد في تلك المساحة الداخلية المعقدة، وهناك فقط يستطيع الإنسان أن يتفوق على أي تكنولوجيا.
وأشار إلى أن هذه الطاقة الوجدانية، غير القابلة للتكرار أو التشفير، هي ما يمنح الإنسان تفرده، ويجعل الذكاء الاصطناعي، مهما علا شأنه، مجرد أداة لا أكثر.
وأتت هذه التصريحات في ظل منعطف تاريخي يشهده العالم، نتيجة تحولات جيوسياسية عميقة، ومؤشرات على انقلاب موازين القوى الدولية، إلى جانب ما تفرضه الثورة الرقمية من واقع جديد، تتصدره تقنيات الذكاء الاصطناعي، التي تهزّ الأطر الفكرية والعملية التقليدية، وتفرض على المؤسسات أنماطًا جديدة من التكيّف والتحوّل.

شـارك هذا المقال
رابط مختصر

اتـرك تـعـلـيـق 0 تـعـلـيـقـات

* الإسم
* البريد الألكتروني
* حقل مطلوب

البريد الالكتروني لن يتم نشره في الموقع

شروط النشر:

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة Afriquenews.ma | أفريك نيوز | Afriquenews الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.