جان كوم مخترع الواتس آب من عامل نظافة إلى ملياردير مشهور
* أفريك نيوز – وكالات –
لم يكن يتوقع أحد أن الطفل الأوكراني الفقير “جان كوم” سيصبح يوماً “ملك التواصل” في العالم.. من فقر وحرمان وجوع إلى الجلوس على عرش عظماء التكنولوجيا.
إنها قصة حياة مخترع الـ”واتس آب”، الذي سعى بقوة إلى العمل في أشهر موقع تواصل اجتماعي في العالم؛ وهو فيسبوك، لكنه تم رفضه , لتمر الأيام ليلجأ إليه مؤسس فيسبوك لشراء ابتكاره بمبلغ خيالي , ليحتل واجهات الصحف العالمية بعد بيع برنامج الدردشة الشهير المخصص للهواتف الذكية إلى “فيسبوك” بـ 19 مليار دولار.
ومن المفارقات أن صفقة المليارات الـ19 لشراء “واتس آب” تمت في المكان ذاته الذي وقف أمامه “جان كوم” يوماً ما وهو طفلاً منتظراً كوبون الإعانة الحكومية من مؤسسة للخدمات الاجتماعية.
ولد عام 1976 في قرية فقيرة بمدينة كييف بأوكرانيا.. وكان الطفل الوحيد لأسرة يهودية وما بين الحرمان والشقاء وافتقاد أبسط متطلبات الحياه.. ترعرع الطفل , وفى عام 1992 كان اقتصاد البلاد ليس بحالة جيدة، فقررت والدته أن تهاجر مع ابنها إلى الولايات المتحدة الامريكية لعلهم يجدوا حياة أفضل هناك، ولكن للأسف لم يصبح وضعهم أفضل وعمل “جاك” كعامل نظافة في محل للبقالة، وعملت والدته جليسة أطفال، أما الأب فقط بقى في أوكرانيا
ساعدت جان ووالدته الإعانات الحكومية في الحصول على طعام وشقة ليعيشا فيها , وعندما كبِر “جان” وبلغ من العمر الثامنة عشر أراد أن يتعلم البرمجة، ولكنه لم يمتلك المال الكافي فقرر تأجير كتب مستعملة من المكتبة ودراستها ثم اعادتها مره أخرى. ومن ثم إنضم لمجموعة من قراصنة الأنترنت ثم التحق بجامعة سان خوسيه ستيت.
بدأ جان كوم حياته العملية أثناء دراسته وذلك لتوفير نفقات الدراسة، فعمل حارسًا بدوام جزئي ، وقد كانت أولى خطواته نحو التغيير عندما عمل مهندس تكنولوجيا بشركة ياهو. وبعد فترة قرر أن ينقطع عن ذهابه للمدرسة ويتفرغ للعمل في شركة ياهو، وبالفعل حدث ذلك وعندما ذهب هناك تعرف على صديق جديد يُدعى “براين أكتون” والذى اصبح سريعاً الصديق الحقيقي الوحيد له، وكان الصديقان متخوفين من استكمال العمل في ياهو وذلك لأنهم لم يروا فيه مستقبل كبير، ولهذا بعد فترة قاموا بترك العمل به عام 2007 . ليصبح حلمهما واحد وهو الالتحاق بالشركة العملاقة “فيسبوك” ، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، حيث تم رفض طلبيهما ، من فيسبوك
وكتب أكتون على حسابه على تويتر : “فيسبوك رفضت توظيفي. كانت فرصة رائعة للتواصل مع أشخاص رائعين. أتطلع لتجربتي القادمة في الحياة”. , و لكن يبدو أنهما قررا إجبار “زوكربيرج” على البحث عنهما بعد سنوات ولكن ليس للعمل لديه ولكن لشراء “واتس آب” أو برنامج الدردشة الشهير
مع بداية عام 2009 قام “كوم” بشراء جهاز أيفون، وفي ذلك الوقت لم يكن يتمتع متجر التطبيقات للأيفون بتطبيقات متنوعة كما هو الحال الآن بل كان في بداياته، لذلك وجد “كوم” أن هذه يمكن أن تكون فرصته للتخطيط لعمل تطبيق جديد , فتذكر الأيام التي واجه خلالها صعوبة شديدة في التواصل مع والده، نظرًا لارتفاع سعر المُكالمات؛ لذا فكر في تأسيس تطبيق يتيح للناس التواصل مجانًا، فكان الوتس آب.
في مطبخ صديقه الروسي شرح كوم فكرته حيث يظهر التطبيق اشعارات بجانب الأرقام في سجل الهاتف. ستظهر تلك الاشعارات إذا كان الشخص صاحب الرقم متاح، غير متاح أو بطاريته توشك على النفاذ. كان كوم قادر على برمجة العمليات الخلفية للتطبيق ولكنه احتاج الي مطور تطبيقات ايفون. وقدم له صديقه مطور روسي كان قد وجده على أحد مواقع العمل الحر وبعد مرور شهر، اعطى كوم نسخة تجريبية لأصدقائه لتجربة التطبيق. وكان يدون الملاحظات عن العيوب والإصلاحات اللازمة.
في البداية لم يكن يستخدم هذا التطبيق سوى القليل من الناس على المستوى المحلي فقط، ولكن لم ييأس “كوم” وكان يقوم بتدوين الأخطاء والملاحظات لكي يعمل على تطوير التطبيق، وفي يونيو 2009 قامت شركة آبل بإطلاق خاصية إعلامات الدفع “Notifications” والتي سمحت بإرسال إشعار للمستخدمين الذين لا يستخدمون التطبيق. كالقيام بتغيير الحالة مثلا، فيقوم آبل بإرسال اشعار لجميع من في الشبكة الخاصة بالشخص الذي قام بتغيير الحالة، مما أتاح للجميع بالتعرف على التطبيق بعد ذلك قام كوم بإطلاق النسخة الثانية من تطبيق الواتس آب، والتي زاد فيها عدد المستخدمين بسرعة كبيرة حيث وصل إلى 250 ألف مستخدم، وفي ذلك الوقت عرض على صديقه اكتون للعمل معه كشريك مؤسس، كما أنه تمكن من اقناع بعض اصدقائه من شركة ياهو باستثمار 250 الف دولار بالتطبيق.
أصبحت نسخة الواتس آب متاحة للتحميل من متجر تطبيقات الأيفون، و صار هذا التطبيق يُستخدم للمحادثات الفورية بشكل مجاني وذلك كبديل لرسائل SMS و MMS التي يكون لها تكلفة من خدمات الاتصالات.
كان “كوم” و”أكتون” يتحملان نفقة إرسال رسائل التحقق للمستخدمين في البداية، وبعد ذلك زادت ايرادات الواتس آب بصورة كبيرة 2010، مما أدى لتغطية التكاليف، ثم بعد ذلك قام كوم بتحويل التطبيق من مجاني إلى مدفوع، وأضاف إليه إمكانية إرسال الصور، وظل التطبيق ينمو أكثر فأكثر حتى وصل سعره في اليوم إلى دولار واحد، وفي عام 2011 أصبح الواتس آب في المرتبة 20 عالمياً في تطبيقات الأيفون , ليبدأ التطبيق في اجتياح العالم والانتشار الضخم للغاية ليعود مرة أخرى تطبيق مجاني
وفي عام 2014 حصل الفيسبوك على الواتس آب في صفقة بمقدار 19 مليار دولار والتي تُعد من أكبر الصفقات التي تمت، ويمكن إعتباره أغلى ثمن دفع في شركة تقنية ناشئة , وبذلك يكون الواتس آب قدد حقق نجاح هائلاً خلال 8 سنوات فقط، واليوم أصبح به مليار و200 مليون مستخدم، ويتم إستخدامه يومياً من قبل مليون شخص.
ولكى لا ينسي “كوم” ما مر به من صعوبات أختار أن يوقع العقد في المركز الخيرى الذى أعتاد أن يتقاضي منه المعونة الأجتماعية , واليوم تقدر قيمة ثروته بنحو 9.3 مليار دولار وقد انضم الفريق العامل في “واتس آب” إلى “فيسبوك”، حيث كان لديها 55 موظف فقط وقد جعلهم جميعاً مليونيرات , حيث حصل كل موظف على 344 مليون دولار كفوائد بين عشية وضحاها .
ومن الجدير بالذكر أن مستخدمى واتساب، تخوفوا من هذه الصفقة ، ومن أن تهدد خصوصياتهم وبيانتهم ، وبدأوا في البحث عن بدائل وتطيبيقات غير مملوكة للفيسبوك ، لذلك كان أول تعديل للتطبيق بعد الصفقة ، كان إضافة ميزتين تزيدان الخصوصية ، أولهما إخفاء أخر ظهور ، والثانية إخفاء الصورة الشخصية والحالة إما عن الجميع ، أو عن الأرقام غير الموجودة في جهات الأتصال جدير بالذكر أن التطبيق قد تعطل لعدة ساعات بعد أيام من الصفقة، بسبب خلل فنى قبل أن يعود للعمل ، وأعتذرت الشركة عن ذلك في بيان رسمي لها .
تمتع جان كوم بصفات ريادية كانت طريقه للنجاح منها الأبتكار والمثابرة و الطموح فقد حقق طموحه بتوفير وسيلة للعالم أجمع يتواصلون من خلالها مع غيرهم.
تُعد قصة نجاح جان كوم؛ مثيرة للعجب، وأكبر دليل على جوهر ريادة الأعمال؛ ألا وهي الفكرة المبتكرة التي تفيد المجتمع، ليس محليًا فحسب، بل عالميًا أيضًا، علاوة على التمتع بصفات المثابرة، والإصرار، والطموح التي يفتقدها كثيرون
فقد انتقل جان كوم من قاع الفقر إلى قمة الثراء؛ من خلال فكرة بسيطة لعلها خطرت ببال الكثيرين قبله ولكنهم لم يمتلكوا الصبر والعمل والعزيمة من اجل ذلك .
اتـرك تـعـلـيـق 0 تـعـلـيـقـات