الصقلي : الإجهاض لا يجب أن يناقشه الرجال وحدهم، حيتْ النسا هوما اللي كايلقاو راسْهم حاصْلين
افريك نيوز * الرباط *
بقلم : امحمد اعبابو
بعد أسبوع من اللقاء الوطني الذي نظمتْه وزارة الصحة، وناقش موضوع “الإجهاض: التأطيرُ القانوني ومتطلبات السلامة الصحّية”. نظم مؤخرا لقاء بالمكتبة الوطنية بالرباط، لمناقشة “تعديل القوانين العشْرة المتعلّقة بالإجهاض في القانون الجنائي، والمنظم من طرف “الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السرّي” التي يرأسها، البروفيسور شفيق الشرايْبي وهو أحدُ المُدافعين بقوّة عن” تقنين الإجهاض ”
وتبين من خلال الحضور المكثف لهذا اللقاء ، أنّ موضوع الإجهاض يستأثر باهتمام كبير من لّدُن الرأي العامّ المغربي؛ وعلى غرارِ اللقاء السابق الذي نظمتْه وزارة الصحّة أبْدى المُدافعون عن تقنين الإجهاض تشبّثهم بموقفهم، دَاعينَ إلى ضرورة تعديل فصول القانون الجنائي، الذي قالَ رئيس جمعية “قانون وعدالة”، رضا أولامين إنّها “فضفاضة”.
واعتبرَ أولامين أنّ فصول القانون الجنائي عندما تكون فضفاضة “فهذا خطير”، وللدّفاع عن موقفه أضاف المتحدّث أنّ 13 في المائة من النسبة الإجمالية لوفيات الأمهات في المغرب تنجُم عن الإجهاض السرّي، وأوْرَد المتحدّث نموذجَ بلديْن مسلميْن، هما تونس وتركيا، اللذين يُبيح قانونهما الإجهاض، قائلا “لمْ نصل في المغرب إلى المطالبة بالإباحة المطلقة، لكنْ هناك حالات يجبُ أن يُرخّص لها بالإجهاض”.
في السياق نفسه أعادَ شفيق الشرايبي، رئيس الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السرّي، خلال اللقاء الذي تناول موضوع الإجهاض من الزاوية القانونية والصحّية، المواقفَ التي سبَق أنْ عبّر عنها في مناسبات سابقة، وقالَ إنّ عدمَ تقنين الإجهاض يجعل صحّة النساء اللواتي يلجأن إليه “في خطر”، مضيفا أنّ نسبة وفيات الأمهات في البلديْن الإفريقيين اللذين يُبيحان الإجهاض (تونس وجنوب إفريقيا)، تقلّ عن نظيرتها في البلدان التي تحرّمه.
وشبّهتَ ْ فاطمة المغناوي، عن ائتلاف الحق في الصحة بالمغرب، النقاش الدائر حوْل الإجهاض بالنقاش الذي فتحتْه الجمعية المغربية لمحاربة السيدا حوْل العازل الطبّي قبل سنوات، “والذي وُوجهَ بمعارضة من قبل بعض رجال الدّين المتشدّدين، والذين قالوا إنّ ذلك النقاش يحرّض على الإباحية والفساد”، تقول المغناوي، وانتقدت المتحدّثة من وصفتْهم بـ”المتشدّدين”، قائلة “يعارضون الإجهاض بمبرّر صوْن حياة الجنين، وهم أكثر المُدافعين عن عقوبة الإعدام السالبة لحياة الإنسان”.
المغناوي ذهبتْ إلى القول إنّ النقاش حوْل الإجهاض يجب أن يخرجَ من الإطار الإيديولوجي، وأنْ ينطلقَ ممّا تنصّ عليه مواثيق منظمة الصحّة العالمية، التي تحثّ على الحقّ في الصحة، والاتفاقيات الدوليّة المتعلقة بالقضاء على التمييز ضدّ المرأة في مجال الرعاية الصحّية، مُشيرة إلى أنّ مُعارضةَ الإجهاض لا تقتصر فقطْ على الدّول الإسلامية، بلْ هناك دولٌ مسيحية تجرّمه، مثل الشيلي وإيرلندا، وهناكَ، في المقابل، دول إسلامية تبيحه، كتونس وتركيا، وأضافت “ليسَ هناك نصّ ديني يحرّم الإجهاض”.
منْ جهتها عَارضتْ القيادية في حزب التقدم والاشتراكي نزهة الصقلّي، الاكتفاء بالسماح بالإجهاض في حالات الاغتصاب وزنا المحارم، كما يدعو إلى ذلك بعض “الإسلاميين المعتدلين”، بداعي أنّ عدد حالات الإجهاض الناجمة عن الاغتصاب وزنا المحارم لا تمثّل سوى نسبة مئوية قليلة من مجموع الحالات، بيْنما تصلُ نسبة حالات الإجهاض التي يكون سببها الوعْد بالزواج أو التغرير إلى أكثر من 60 في المائة، بحسب الصقلّي، وأردفتْ “مشكلة الإجهاض تعاني منها بالأساس النساء الفقيرات، اللواتي يعملن في وسط مُحرّض على الحمْل”.
وانتقدتْ الصقلّي استئثارَ الرجال بمناقشة موضوع الإجهاض، “الذي يهمّ النساء”، قائلة “الإجهاض لا يجبُ أن يناقشه الرجال وحدهم، حيتْ النسا هوما اللي كايلقاو راسْهم حاصْلين، وليس معقولا أن تكون السلطة السياسية وحتى السلطة الطبية بيد الذكور”، وعلى الرغم من أنّ الفصل 453 من القانون الجنائي ينصّ على أنّ للمرأة الحقّ في الإجهاض إذا كانَ حمْلها يشكّل خطرا على حياتها، بشرْط الحصول على موافقة زوجها، إلّا أنّ الصقلي ترى أنّ هذا الفصْلَ فيه تمييز بيْن المرأة المتزوجّة والمرأة غير المتزوجة.
وقالت إنّ المرأة غير المتزوجة يتوجّب عليها الحصول على رخصة من الطبيب الرئيسي بالعمالة التابع لها مقرّ سكناها، إذا أرادتْ أن تجهض في حالة الخطر، معتبرة أنّ ذلك صعب لأنّ الأطباء لا يريدون أن يتحمّلوا المسؤولية. وفي الوقت الذي ما يزال مشروع القانون الجنائي في طوْر الدراسة، في انتظار ما ستسفر عنْه المشاورات المتعلقة بتعديل فصول الإجهاض، أبْدت الصقلّي تفاؤلها بشأن استجابة المشرّع لمطالب الدّاعين إلى تقنين الإجهاض وقالت “أنا متفائلة، والكلمة الأخيرة ستكون للبرلمان”.
اتـرك تـعـلـيـق 0 تـعـلـيـقـات