رئيس مجلس النواب يدعو للإبداع لمواجهة تحدي تمويل ورش الحماية الاجتماعية

* أفريك نيوز – الرباط –
دعا رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العالمي، إلى “الإبداع والاجتهاد” في إيجاد الحلول لتحدي تمويل تنزيل الحماية الاجتماعية، مع توسيع قاعدة المساهمات والمستفيدين، مؤكدا أن المغرب نجح بشكل كبير في توفير الإطارات الدستورية والتشريعية والمؤسساتية والتنظيمية لتدبير هذا الورش.
وأكد العلمي، اليوم الإثنين خلال افتتاح أشغال الدورة التاسعة للمنتدى البرلماني الدولي للعدالة الاجتماعية والمجالية، الذي ينظمه مجلس المستشارين بشراكة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن منظومة الحماية الاجتماعية، التي حققت نجاحات هامة وملموسة، ما تزال تواجه عدة إشكالات، على رأسها تحدي التمويل ومصادره، وتواضع الموارد مقابل الطموحات والحاجيات، والارتفاع المتزايد لأعداد المحتاجين إلى الحماية الاجتماعية.
وشدد على أن هذا الإشكال يتطلب “الإبداع والاجتهاد في طرق ومصادر التمويل خاصة من خلال التضامن بين الأجيال وبين الفئات، وجعل عائد مدخرات مساهمات ذوي الدخل في الصناديق الاجتماعية منتجة، وذات مردودية، وقادرة على تغطية نسب أكبر من اعتمادات الإنفاق على الحماية الاجتماعية”.
وأشار العلمي إلى أن 55 بالمئة فقط من كلفة تعميم الحماية الاجتماعية تتأتى من مساهمات الأفراد، مبرزا أن “المجهود العمومي لتمويل الحصة المتبقية، بقدر ما يبرهن على الابتكار في إيجاد الحلول، وفي هندسة إنفاق المداخيل العمومية، وعلى أن بلادنا هي في الطريق الصحيح، بقدر ما يستدعي منا توسيع قاعدة المساهمات، توخيا لاستدامة المنظومة وتقوية أسسها وتجويد مردوديتها”.
وزاد رئيس مجلس النواب أن الحماية الاجتماعية بالمغرب تواجه أيضا تحدي الهندسة المؤسساتية للهيئات والصناديق التي تدبرها، والتدخلات العمومية في المجالات الاجتماعية، مضيفا أن ذلك “قد يؤثر على مردودية التضامن باعتباره قيمةً حاكمة ومركزية في الحماية الاجتماعية، ويجعل أثرها دون الطموحات”.
وأشار في السياق ذاته أن الاستدامة تشكل أيضا تحديا أمام هذا الورش “خاصة بسبب التحولات في الهرم الديموغرافي، مما يتسبب في اختلالات بين حجم المساهمات وقاعدة المستفيدين من الحماية الاجتماعية، سواء تعلق الأمر بالتقاعد أو التغطية الصحية أو الدعم المالي للفئات المستحقة”.
وأكد المتحدث أن المغرب “نجح بشكل كبير في توفير الإطارات الدستورية والتشريعية والمؤسساتية والتنظيمية لتدبير الحماية الاجتماعية بمختلف أشكالها، وأكثر من ذلك، والأساسي، أنه يتوفر على إرادة أكيدة في تطوير منظومته الحمائية، وفي مقدمتها إرادة ورعاية صاحب الجلالة نصره الله ورؤيته الاجتماعية للتنمية”.
وأبرز راشيد الطالبي العلمي أن النصوص التشريعية؛ من مشاريع ومقترحات قوانين التي صادق عليها البرلمان المغربي منذ 1970 المتعلقة بالحماية الاجتماعية، والبالغ عددها 138 نصا، منها 28 قانونا خلال الولاية الحالية، بين تعديلات جوهرية على نصوص سارية ونصوص تأسيسية، تُبيّن “الأهمية المركزية لمنظومة الحماية الاجتماعية في التشريع الوطني وفي السياسات العمومية”.
وذكر رئيس مجلس النواب بأن الفضل في ارتقاء موضوع الحماية الاجتماعية إلى صدارة النقاش العمومي، وتصدره السياسات الوطنية واكتسابه طابعا استراتيجيا في التدخلات العمومية، تخطيطا وتمويلا، يعود إلى الملك محمد السادس، الذي حرص مند اعتلائه العرش على جعل الحماية الاجتماعية لكافة المواطنات، والمواطنين في صلب التنمية، وجوهر حقوق الإنسان، والديمقراطية.
وأكد أن ما تحقق في مجال تعميم الحماية الاجتماعية وحرص الجميع على استمرار نجاعة المنظومة تتطلب تعزيز الحكامة الجيدة التي تضمن الولوج إلى مختلف الخدمات بشكل متيسر، والشفافية في التدبير، والتواصل مع المواطنين”.
وجدد دعوته إلى “توسيع قاعدة المستفيدين من الحماية الاجتماعية، وتوفير بنيات التكفل والاستقبال وتجويد الخدمات، حتى يلمسَ المواطنُ أثرَ الحماية المكفولة له”، مشيرا إلى أن الاستثمارات العمومية الكبرى المنجزة أو الجاري تنفيذها، خاصة في مجال البنيات الاستشفائية، الكبرى والمتوسطة والصغرى، تسير في هذا الاتجاه، مؤكدا أن عزم المغرب على ضمان أمنه وسيادته الدوائية وتنويع عروض التكوين في مجال الصحة، يتساوق مع أهداف التعميم والتجويد.
وشدد العلمي في ختام كلمته على أن “الحماية الاجتماعية، باعتبارها مشروعا ملكيا، ليست مرتبطة بالولايات الحكومية أو التشريعية، وإنما مشروعٌ وطني وطموحُ أمة، ينجز بفضل العناية والرعاية الملكية، وينفذ من قبل السلطات العمومية وفق الرؤية الحصيفةِ لصاحب الجلالة؛ وينبغي أن نتعبأ جميعا من أجل إنجاحه وضمان استدامته وجودته”.
اتـرك تـعـلـيـق 0 تـعـلـيـقـات