لقاء وزير الخارجية التونسي المعين مع نظيره المغربي على هامش أشغال المؤتمر الوزاري لمنتدى التعاون الصيني-الإفريقي
* أفريك نيوز – وكالات –
التقى وزير الخارجية التونسي المعين حديثة، محمد علي النفطي، يوم الثلاثاء 3 شتنبر الجاري، مع نظيره المغربي وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، على هامش أشغال المؤتمر الوزاري لمنتدى التعاون الصيني-الإفريقي، تحضيرًا لقمة هذا المنتدى التي انطلقت الأربعاء 04 شتنبر 2024.
ونشرت وزارة الخارجية التونسية صورا للقاء وزير الخارجية التونسية النفطي مع نظرائه من الدول المغاربية والإفريقية، ومن بينهم ناصر بوريطة، مرفقة هذه الصور ببلاغ جاء فيه أن المسؤول التونسي “تناول مع نظرائه علاقات الأخُوّة والتعاون القائمة بين تونس وهذه الدول وسبل تعزيزها”.
هذا اللقاء يأتي بعد فترة وجيزة تهنئة بوريطة للنفطي بتوليه منصبه الجديد، نهاية غشت المنصرم، كما أنه جاء بعد 3 أسابيع تقريبا من لقاء رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، في 15 غشت 2024، بوزير الخارجية التونسية، نبيل عمّار، قبيل إعفائه من طرف الرئيس التونسي، وذلك خلال مشاركته في الاحتفال الدولي بالذكرى 80 لعملية الإنزال البحري بمنطقة بروفانس، الذي أقيم بمدينة سان رفاييل تحت إشراف الرئيس الفرنسي؛ إيمانويل ماكرون، ووفق ما كشفته وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج في وقت سابق.
وجاء هذان اللقاءان المتقاربان زمنيا، في خضم الأزمة الدبلوماسية بين البلدين، والتي اندلعت شرارتها، يوم 26 غشت 2022، بسبب سلوك الرئيس التونسي قيس سعيد، حينما أقدم على استقبال زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي، ليشارك في أعمال النسخة الثامنة لقمة طوكيو الدولية للتنمية في أفريقيا “تيكاد8″، وهو ما احتج عليه المغرب، في نفس اليوم، باستدعاء سفيره لدى تونس، حسن طارق، للتشاور، وقابلته تونس آنذاك باستدعاء سفيرها لدى المملكة، محمد بن عياد.
واعتبر البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات و تدبير المخاطر وتحليل الصراع، أن العلاقات المغربية التونسية “حقيقة سياسية” في منطقة المغرب الكبير وغرب المتوسط وأحد صمامات الأمان الأساسية بالنسبة للأمن القومي المغربي في شقه الإقليمي والدولي، مسجلا أن ذلك ما دفع الفاعل السياسي والديبلوماسي المغربي إلى الحرص على تعزيز العلاقات مع تونس وفق الرؤية الملكية المتبصرة المرتكزة على روابط تاريخية ودينية وإجتماعية وإقتصادية عميقة بين الشعبين المغربي و التونسي.
وأوضح عبد السلام في تصريح صحفي، أن ذلك تجلى في الإهتمام الكبير للملك بإستقرار وأمن تونس من خلال زيارة تاريخية أنقذت الإقتصاد التونسي المعتمد كليا على السياحة عندما تعرض لمؤامرة إقليمية بإستخدام الإرهاب لتركيع الإقتصاد التونسي من أجل السيطرة على مفاصل الدولة التونسية خدمة لمشاريع الهيمنة الإقليمية.
كما شدد الخبير الدولي في إدارة الأزمات وتدبير المخاطر وتحليل الصراع، على أن المملكة المغربية ظلت حريصة على الحفاظ على إستقلالية القرار التونسي وإحترام سيادتها من خلال تشجيع الإستثمارات المغربية في تونس ودعم الإقتصاد التونسي بعد أحداث الربيع العربي وما رافقه من تطورات وإنعكاسات على الإقتصاد والمجتمع التونسي.
وسجل المتحدث أن الدولة التونسية ارتكبت أخطاء سياسية كبرى في حق العلاقات المتميزة بين الشعبين المغربي والتونسي بعد الإستقبال الرسمي لإبراهيم غالي زعيم ميليشيا البوليساريو الإرهابية على هامش القمة الإفريقية-اليابانية تيكاد 8 المنظمة في تونس، معتبرا ذلك “نقطة سوداء في تاريخ العلاقات الثنائية بين البلدين، ومنحدرا خطيرا أتخذه الرئيس قيس سعيد بناءا على مغالطات جزائرية مما أضر بالمسار المتميز للعلاقات المغربية- التونسية”.
وبخصوص لقاء وزير الخارجية التونسي مع ناصر بوريطة وزير الخارجية والتعاون، قال عبد السلام إن ذلك دليل على إنفتاح المملكة المغربية على كل المبادرات التي تهم إعادة العلاقات المغربية التونسية وفق ضوابط وقناعات تحترم سيادة المغرب وإستقلالية القرار السيادي التونسي بعيدا عن التجاذبات الإقليمية وهو مؤشر على تغير ممكن في السياسة الخارجية التونسية قبيل الانتخابات الرئاسية التي قد تكون بداية مرحلة جديدة في مسار العلاقات الثنائية بين تونس والمغرب.
وأورد البراق أن “تونس اليوم أمام مفترق طرق تاريخي ومنعرج سياسي خطير سيؤثر على سيادتها كأمة حرة وكدولة عريقة، إما إختيار طريق السقوط في معاهدة حماية جزائرية جديدة تتحول بموجبها لإيالة تابعة للداي الجزائري شنقريحة تأتمره بأوامره وتتحول لحكومة عميلة وبارشوك جيوسياسي تخدم مصالح الجنرالات في صراعاتهم مع المحيط الإقليمي أو الحفاظ على إستقلالية قرارها الوطني والسيادي بعدم الإنجرار وراء الأوهام البومدينية لحكام قصر المرادية في الهيمنة على مختلف بلدان المغرب الكبير”.
وعاشت العلاقات المغربية التونسية، حالة من الجمود، بدأت في 26 غشت 2022، يوم استقبل الرئيس التونسي قيس زعيم مليشيات الوليساريو، على هامش مشاركته بالدورة الثالثة لمنتدى التعاون الاقتصادي الإفريقي الياباني، والتي رد عليها المغرب في اليوم نفسه باستدعاء سفيره لدى تونس حسن طارق، للتشاور، معتبرا ما حدث “عملا خطيرا وغير مسبوق”.
وقالت الخارجية المغربية في بيان، إن الاستقبال “يجرح بشدة مشاعر الشعب المغربي وقواه الحية”، معلنةً عدم المشاركة في المنتدى الذي استضافته تونس في 27 و28 غشت. وفي اليوم التالي، ردت تونس بالمثل، إذ استدعت سفيرها لدى المغرب محمد بن عياد للتشاور.
وأعربت الخارجية التونسية في بيان، عن “استغرابها الشديد مما ورد في بيان المملكة المغربية من تحامل غير مقبول على الجمهورية التونسية، ومغالطات بشأن مشاركة (البوليساريو) في القمة”.
وأضافت الوزارة أن تونس “حافظت على حيادها التام في قضية الصحراء التزاما بالشرعية الدولية، وهو موقف ثابت لن يتغير إلى أن تجد الأطراف المعنية حلا سلميا يرتضيه الجميع”.
لكن الخارجية المغربية ردت عبر بيان في 27 غشت 2022، معتبرة أن البيان التونسي حول استضافة زعيم البوليساريو “لم يُزل الغموض الذي يكتنف الموقف التونسي، بل ساهم في تعميقه”، كما اعتبرت أن البيان التونسي “ينطوي على العديد من التأويلات والمغالطات”.
ومنذ سنتين، ورغم الغضب الذي عبر عن مسؤولون مغاربة من الاستقبال، إلا أن دعوات “حلحلة” الأزمة، ومن الطرفين، لم تتوقف، كان آبرزها دعوة الرئيس السابق منصف المرزوقي، الذي أكد أن تجاوز ما وقع ضروري.واعتبر المرزوقي في تصريح سابق لجريدة “مدار21″، أن تونس تحتاج لعلاقات “أخوية” مع المغرب، مشددا على ضرورة حفاظ بلاد الياسمين على موقفها “المحايد”، خاصة فيما يتعلق بالصراع الجزائري المغربي.
اتـرك تـعـلـيـق 0 تـعـلـيـقـات