الأمن المائي في المغرب.. أية حلول ممكنة لتجاوز الأزمة الحالية؟

مشاهدة
أخر تحديث : الخميس 1 أغسطس 2024 - 2:09 مساءً
الأمن المائي في المغرب.. أية حلول ممكنة لتجاوز الأزمة الحالية؟

* أفريك نيوز  – و.م.ع – 

في خطابه السامي بمناسبة عيد العرش، ركز الملك محمد السادس على إحدى أبرز التحديات التي تواجه المملكة اليوم، وهي أزمة الماء إذ سلط جلالته الضوء على تفاقم إشكالية الماء نتيجة لتوالي سنوات الجفاف، وتأثير التغيرات المناخية، والارتفاع المستمر في الطلب وتباطؤ إنجاز المشاريع المائية.
هذه الأزمة المائية لم تقتصر آثارها على المناطق القروية فقط، بل تمس جميع مناطق المملكة، ما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة ومبتكرة لتفادي الخصاص المتزايد في الماء. وفي ضوء هذا الواقع، يدعو الخطاب الملكي إلى تحديث السياسات المائية الوطنية، وتعزيز مشاريع بناء السدود، وتسريع إنجاز محطات تحلية مياه البحر، والاهتمام بتطوير تقنيات جديدة في عملية تدبير المياه، علاوة على تكوين عامل بشري مؤهل للمساهمة في حل الأزمة.
وضعية جد حرجة
في حوار مع جريدة « منارة »، قالت الباحثة المتخصصة في الهندسة البيئية والتنمية المستدامة أميمة خليل الفن، إن الموارد المائية بالمغرب، التي نالت الحصة الأكبر من الخطاب الملكي الأخير، تعيش وضعية حرجة جدا، نظرا لضعف المنسوب المائي بشكل كبير حاليا، بالمقارنة مع حصة الفرد العالمية المتمثلة في حوالي ألف متر مكعب للفرد الواحد، بينما الفرد الواحد في المغرب اليوم لا تتجاوز حصته 600 متر مكعب، ما يضع المغرب في قائمة الدول التي تعاني ليس فقط من الشح أو الندرة، بل من الفقر المائي المدقع.
وتفسر أميمة خليل الوضعية الحالية للموارد بعدة أسباب، « منها ما هو طبيعي، ونتحدث هنا عن توالي سنوات الجفاف، وارتفاع درجات الحرارة، وتراجع نسبة المياه المعبئة طبيعيا، ثم ما هو بشري، ويتعلق الأمر بارتفاع الطلب على هذه المادة الحيوية إثر النمو الديموغرافي الذي شهدته المملكة في أواخر القرن الماضي، والسياسات المتبناة فلاحيا وصناعيا وطاقيا، باعتبارها أوراشا تتوقف أساسا على توفر المياه العذبة، والتي تزيد الوضع الحالي حدة وتعقيدا، في حين تتعلق الأسباب الهيكلية بضعف الهيكل المائي، المتمثل في قدم السدود ونسبة التوحل المرتفعة، ما يؤدي إلى انخفاض مستمر لمنسوب المياه المحافظ عليها في السدود، وارتفاع نسبة التبخر، وعدم التوفر على محطات كافية لتحلية مياه البحر أو إعادة تدوير المياه العادمة، وكلها أسباب مترابطة تؤدي في النهاية إلى تعقيد الوضعية الحالية لهذا المورد الحيوي ».
قيادة الأزمة برؤية استشرافية
رغم هذا الوضع الهش، أكدت الباحثة أن المغرب يخوض الريادة في تدبير هذه الندرة، موضحةً أن المغرب « ليس البلد الأفريقي ولا العالمي الوحيد الذي يعيش هذه المرحلة الصعبة، بل إنها أزمة شملت الكثير من بلدان العالم، لأسباب تختلف حسب كل منطقة جغرافية، فالمغرب يقود هذه المرحلة بطريقة استشرافية تحت القيادة السامية لصاحب الجلالة ورؤيته المتبصرة، من خلال تبني أوراش كبرى كتجهيز محطات تحلية مياه البحر وإعادة تدوير المياه العادمة، والاستثمار في أوراش السدود الكبرى وتعبئتها ».
وأضافت المتحدثة أن كل هذه السياسات التي نهجتها المملكة المغربية من أجل تجاوز الوضع الحالي، لمسنا فعاليتها في أمور عدة، فرغم الانقطاعات التي شملت العديد من المدن المغربية على مستوى الماء في فترات معينة، إلا أن كل المواطنين اليوم يتوفرون على الماء الصالح للشرب، سواء عن طريق توفيرها بطريقة كلاسيكية أو غير اعتيادية عن طريق المياه بين الأحواض والسدود.
التعجيل بتنزيل الأوراش ضرورة ملحة
للخروج من هذه الأزمة بأقل الأضرار الممكنة، تؤكد أميمة خليل أن تعجيل الحكومة بتنزيل هذه الأوراش سيكون لصالح المملكة، خصوصا محطات تحلية مياه البحر ونقل المياه بين الأحواض، باعتبار أن أي تأخير في تنزيلها لن يزيد الوضع المائي إلا تعقيدا.
وأضاف المصدر « نحن اليوم أمام ضرورة التعجيل بتنزيل هذه الأوراش، وهذا ما دعا له صاحب الجلالة الملك محمد السادس في آخر خطاب بمناسبة الذكرى 25 لاعتلائه العرش، بحيث أكد أولا على التحلي بالمسؤولية والكفاءة في التدبير، من خلال حماية الملك العام المائي، وتعزيز الترسانة القانونية ودور الشرطة المائية في تعزيز عملية الحفاظ على الموارد المائية من الهدر والتدبير اللامسؤول، وأيضا من خلال الاستعجالية في تنزيل الأوراش الكبرى والموازنة بين الطموحات في مجال السياسات الفلاحية والطاقية وما تتوفر عليه المملكة من موارد مائية ».
وخلصت أميمة خليل إلى أن تحقيق التوازن بين هذه السياسات ومخزون المملكة من الماء مهم جدا للتحدث في النهاية عن سيادة مائية واكتفاء مائي للمملكة، إضافة إلى ضرورة التركيز على الاستثمار في البحث العلمي من خلال دعم الابتكارات والبحوث الأكاديمية وخلق مسالك متخصصة في شعب الماء والهندسة المائية والبيئية وغيرها، ثم الاستثمار في المقاولة الوطنية لتنزيل الأوراش الكبرى مائيا وطاقيا، ودعم المقاولات والابتكار في مجال الماء كحلول لا تقل أهمية عن الأوراش الكبرى لتدبير هذه الأزمة والتأقلم مع الوضع المائي والمناخي المغربي.

شـارك هذا المقال
رابط مختصر

اتـرك تـعـلـيـق 0 تـعـلـيـقـات

* الإسم
* البريد الألكتروني
* حقل مطلوب

البريد الالكتروني لن يتم نشره في الموقع

شروط النشر:

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة Afriquenews.ma | أفريك نيوز | Afriquenews الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.